Pages

Saturday, January 17, 2015

لن تكتئب

في فترة انقطاعي عن مواقع التواصل الإجتماعي التي كانت تُمثّل جزء كبير من حياتي، وجدت نفسي أمام فترة فراغ كبيرة. كُنت أقضي معظمها في التفكير، والتفكير الزائدِ عن حدّه، حتى في أمور العقيدة. فهمَمتُ بقراءة الكُتُب، ومن أحد الكتب التى قرأتها كتاب حوار مع صديقي المُلحد، للدكتور مصطفى محمود.

كنت أبحث عن السبب الرئيس وراء الوجود والخلق نفسُه، لماذا يريدنا الله أن نعبده؟ ولماذا يضعنا في ابتلاءات ومِحَن ونحن لم نطلب الحياة من الأصل؟ إن كان الخيار لي، فقد وصلت لمرحلة من الفتور وموت الشعور أني لن أختار العَيش حتى وإن كان الجزاء الجنّة! الجنة بعرضها وطولها ونعمائها وجمالها الخالد! لم أعد مهتمة.
كان يقول لي البعض أن هذه مشيئة الله، وهو من خلقكِ ومن حقه أن يفعل بكِ ما يشاء، البعض الآخر كان يقول لي، أن شوقي لإجابة هذا السؤال يجب أن يتحول إلى عمل، أن أضع نفسي أمام الأمر الواقع وأتعامل معه بأفضل ما يكون حتى أقابل هذا الخالق في يومٍ ويجيبُني.

مِلت إلى القول الثاني أكثر، أن هذه غيبيّات لا يعلمُها إلا الله الآن، وقد نعلمها عندما نلقاه.
لماذا إذاً يضعنا في مصائب وابتلاءات؟ هل يستمتع وهو يرانا نتألم ونبكي؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد صحابَتِه في ما معناه، أن الله سبحانه وتعالى يبتسم عندما يضع عبيده في ابتلاءات، فسأله الصحابي وهل يبتسم الله مثلنا؟ قال بلى، يبتسم لأنه يعلم أن ما ينتظرعبده بعد أزمته من فَرَجٍ وسعادة يفوق توقعه وحساباته وسيغمره فرحةً بعد صبره.

استوقفتني جملة من كتاب الدكتور مصطفى محمود، قالها الشيخ الشعراوي -رحمه الله- عن الصلاة:
"أروني صَنعة تُعرض على صانِعها خمس مرات في اليوم وتتعرض للتلف!"
الله جلّ وعلى لم يتركنا نعيش في مساوئ الحياة لنتألم دون إرشاد أو رعاية. بل فرض علينا الصلاة. لماذا فرض علينا الصلاة؟ هل ليحاسِبنا عليها ويعاقبنا إن تركناها؟ بالعكس، فنحن من يحتاج إلى الصلاة. الله سبحانه وتعالى صنعنا، ولكماله يريد أن يجعل صنعَتَه كاملة ليس بها أي شروخ أو كسور. فيطلب عرضها عليه، خمس مرات في اليوم!! تخيل أنك تذهب بهاتفك المحمول إلى التوكيل خمس مرات في اليوم، لن يصيبه أي أذى ويبقى كما هو! هذا إن لم يطردك صاحب الشركة من التوكيل لكثرة ترددك عليه! ما بالك إن ذهبت في أكثر يوم مزدحم، أترى العاملين مبتسمين وينجزون لك ما تطلب دون عصبية؟ ولله المثل الأعلى، هو من يطلب عرضك عليه! كل المؤمنين! خمس مرات في اليوم! في أوقات واحدة! وما أحنّه علينا وأرحمه بنا ليتحمل تفاهاتنا وأحزاننا التى لا تليق بجلاله! لكنه رب عظيم..

وعندما تسمو علاقتنا مع الله، لن نكتئب إذا سألنا أنفسنا سؤالاً واحداً، إن كنتُ أقف أمامَ الله عزّ وجلّ الآن، وسألني، هل ما أنا حزين لأجله يستحق؟ وربك لن تراني غاضباً أبداً إلا لحُرمة من حُرُماتِ الله انتُهِكت أو ذُلّ الإسلام واستُهزئ بكلام الله ورسوله! فالحياة بأكملها رخيصة ولا تستحق، فهي بحالها لا تساوي عند الله جناح بعوضة!


Rahma Fateen