Pages

Wednesday, August 5, 2015

أضعِف العجز

أكره ما يُضعفني، أكره ما يعجزني ويكتف قدرتي على التصرف فيجعلني لا حول لي ولا قوة.
أتذكر في مرةٍ أُصبت في عيني وتورّم جفني فكنت لا أرى إلا بعين ونصف عين، حينها بكيت كثيراً، لأمرين، أولهما نظرات الشفقة التي كانت تلاحقني أينما ذهبت، الكل ينظر إلى وكأني المسكين الذي لا يملك وهم جميعاً أعلى مني مقاماً، هذا ما أكرهه في عيادة المرضى، أنك وبدون إرادتك تنظر للمريض تلك النظرة، فلا توصل إليه أي معنى غير أنه ضعيف، تُذلّلهُ لنظراتك فلا يشعر هو إلا بشعور أسوأ من شعور ضعفه أمام المرض.
أما الأمر الثاني، نقص نصف نظري في أحد العيون، وأني لا أتعافى، وأن هذا الأمر ليس بيدي، وأني ضعيف.
ماذا فعلت حيال هذا الأمر؟ جعلتهم يندمون، حولت ضعفي لنقطة قوة، أصبحت أخيف الأطفال بالدم الذي عكّر بياض عيني المتورمة، أجبرت من حولي على تحويل نظرات الشفقة إلى نظرات رهبة، ومن نظرات استهتار واستهوان بمشاعري إلى نظرات خوف أن يصيروا إلى ما صرت إليه..
كان هذا منذ أعوام مضت، وأنا الآن أعاتب نفسي أنها لا تتعلم من الصغيرة.
يقيدني العجز والضعف من كل الجوانب، ما آلت إليه أحوال العرب والمسلمين في كل مكان، القتل والحرق والتنكيل بالنساء والشباب والأطفال والعجائز، استباحة الحرمات وصمت الأئمة والشيوخ والحكام، أصدقائي الذين يقبعون في السجون، أهلي الذين قتلوا ومازالوا يقتلون ويشردون
عجز مطبق وغضب دفين وطاقة سوداء معبئة كالسحاب بالمطر في العواصف بالكره والبغض للأعداء المحاطين بنا.
هل هو عجز زائد عن حده؟ فأضعفني لدرجة أني لم أعد أستطيع التحرك؟
أشك في ذلك.
فالشوق يضعفني، لكن باستطاعتي كتابة "أشتاق إليك" على حجر وضرب رأسك بها لتعلم كم يؤلم شوقي، فأحدثك.
الموت يضعفني، أكاد أكرهه لولا إيماني بأن حقيقة الموت تعُم وأنه سيطالني في يوم ما، فأتطلع لللقاء، فأحب الموت.
لكن ماذا عن ضعف الإسلام؟ ألا تكفي وعود الله؟ لا أثق في ثقتي بالله التى إن كانت كافية لأشعلت بداخلي وقوداً لا يقعدني ما حييت!
اللهم إني أعوذ بك من العجز، أعوذ بحولك وقوتك أن أطلب القوة من سواك فأضعف يا قوي يا معين.