Pages

Sunday, December 6, 2015

فلتذهب أنت وما بجعبتك للجحيم!

"لماذا لا تنظرين إلى ما تطمحين لتكونيه في المستقبل وليس إلى ما كنتِ عليه في السابق؟"
استغربت هذه المقولة كثيراً، قيلت لي في يوم من الأيام. كيف لا أنظر إلى ما كنت عليه في السابق، أليس ماضيّ هو أنا؟
لكني اكتشفت نفسي مخطئة تماماً.
ثم كنت أتحدث مع إحداهن وقالت أنها متشوقة لتعرف حكايتي، أخبرتها أنه ليس بحياتي ما يستحق القصّ، لكن يمكنني أن أحدثها عن مغامراتي وتقلباتي في الماضي.
نظرت لي باستنكار وقالت لا أريد ماضيك، إنه ماض!
وقفت أمام هذه الجملة كثيراً.
فأنا عندما أنظر إلى ماضيّ لا أستحضر سوى الندم والحسرة على ما ارتكبت من أخطاء تجاه الناس ونفسي.
لا أرى سوى نقاط سوداء في حياتي تعيقني لليوم، حتى وإن أصلحتها، لكن قلبي يأبى أن يعود كاملاً كما كان.
من أكون؟ أنا حالياً لا أعرف كيف أُعرّف نفسي للسائلين، من أنا؟ هل أنا السواد في صفحاتي السابقة؟ هل أنا الذكريات مع من رحلوا من حياتي؟ هل أنا أخطائي؟
بالطبع لا. أنا من أكون.
بعد كل خطأ أرتكبه كنت أندم أشد الندم، وها أنا لليوم أتقلب في منامي لأنها مازالت تطاردني! هل يُعقل هذا؟ بعد كل هذه السنين؟ إنه محض جنون بالتأكيد؛ لماذا أؤلم نفسي؟
عدت أسترجع نظرت الاستنكار على وجه صديقتي وهي تقول أنها لا تريد معرفة ماضيّ، هاها أحسنتي الاختيار، لو كنت مكانك لما أردت أيضاً، إنه سيء للغاية وغير مُشّرف بالمرّة. ثم تأملت عمق نظرتها وردها العفوي، لا يهم الماضي، إنه ليس أنا الآن.
ربي غفور عفوّ، يقبل التوبة عن عباده، عفوّ أي يمحو الذنوب والخطايا تماماً من الصحف كأنها لم تكن، وهي التوبة ما تحفّز المؤمن على العودة لربه وإصلاح نفسه والارتقاء بإيمانه وأخلاقه.
فلم لا أفعل الشيء نفسه؟ أقتداءً برب العزّة، حتى أستطيع النهوض والسير قدماً نحو أحلامي والارتقاء.
لا أستطيع مغفرة نفسي، رغم مسامحة من أخطأت في حقهم لى، بسبب الشعور بالذنب الشديد، فلما لا أمحوها كلياً؟ هكذا فعلت.
كتبت أخطائي كلها على ورق كبير كثير، كانت أشبه بعملية استئصال. أعمق الأخطاء تأثيراً كانت تُبكيني وتؤلمني، هل أنا حقاً أغلق باب التفكير في تلك المراحل الفارقة نهائياً؟
كتبت وكتبت وكتبت وأخرجت الصديد والماضي اللعين من ذكرياتي، وجمعتها في صفحات..
وأحرقتها.
وأنا أتلذذ.
متحمسة لأكون شخصية جديدة، لا تعوقها الماضي بأخطائه، فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون، والمصلحون، حتماً ليس الواقفون على أطلالها..
مازلت في طريقي لاكتشاف من أكون وما هي مهمتي في الكون والخلق، لكن إلى ذلك الحين، لن أسمح للماضي أن يعبر عني أو يعرّفني.
ما ارتكبته من أخطاء لا يدل على شيء، وسأعمل على عدم تكرارها، وسأتقبلها وأعترف بها وأصلحها، ثم أطويها في ذاكرة النسيان.
_
أدعوا الله أن يعفو عني، ويبيّض صحيفتي ووجهي يوم ألقاه..
أتطلع لحياة جديدة ونفس جديدة خفيفة غير معبئة بما يضيرها مع اقتراب مفترق حياة جديد
أسأل الله القبول والهداية.