Pages

Wednesday, August 6, 2014

تعايُش؟

من أهلنا وأصدقائنا ودائرة معارفنا من فوّض لقتلنا وشمَت في دمائنا، أُناسٌ نعيش معهم في مجتمعنا ووَجَب علينا التعامل معهم بين الحين والآخر.
نعتبرهم أخطاء في الإنسانية، عيوب في البشرية، نريد أن نضعهم في بلدٍ ونُلقي بقنبلةٍ كالهيروشيما نَقضي عليهم ونشفي غِلّ صدورنا.

دُعاة خرجوا إلى مثلنا يدعونا للتعايش معهم، للتعايش مع من رقص على دَمِنا، لتهنئتهم في العيد، واللهو معهم وكأن شيئاً لم يكُن. وكأن أخي لم يمُت بسببِهم وكأن أبي يأكل غذاءه كل يوم معنا لا بين أربع جدران حبيس! يريدونا أن نعيش حياة مُزيفة، نضحك لمن ضحِك وقت بُكائنا، ونفرح مع من فرِح وقت عزاؤنا. يريدون حياتنا كلها أن تكون حبٌ في الله ولا نأبه لشيء يُدعى البُغض في الله.
صددناهم، وكرهناهم، وصنّفناهم مع فئة قاتِلينا ومؤيديهم، نسينا فضلهم علينا وجعلنا منهم شياطين.
في حين أننا نتعايش بالفعل، نتعايش مع أخطاءٍ ارتكبناها ونَبيت الليالي دون تصحيحها، نتعايش مع عيوب في شخصياتنا تضُر غيرنا نعرِف أنها فينا، لكن تمُر الأيام ولا نُغيرها. نتعايش مع ذنوبٍ أغرقتنا ونرى طوق النجاة ولا نسبَح إليه، فقط نقول "عندما أكبر" "لاحقاً سأفعل" "رمضان القادم"… إلخ

لماذا نأخذ موقفاً صارماً فورياً من أخطاء البشر ونُنّشِد أشعار مثل: "لا تُصالِح" ونبني كهف لمجتمعنا الطاهِر الّذي لا يخطئ -كما ندّعي- نتقوقع فيه لا نخرُج منه، نعرِف شياطين الدُعاة جيداً ولا نسمع لكلامهم بل نَنفرهم ونُحذّر الجميع من شرورِهم، ولا نفعل ذلك مع أنفُسِنا؟
نؤجل توبتنا أياماً عديدة وسنوات ويمُر عمرنا ولا نأبَه، نُعَرِضُ قلبنا النقيّ بفطرتِهِ لمُلوثات الحياة ونعيش وسطَها ونلهو حسب هوانا. لا نعرِف شيطاننا، نستمع إليه ونسير خلفه عُميانا.

لماذا لا نتكلم كثيراً عن حالنا مع الله مثلما نفعل مع حالنا مع الناس؟ أعتقِد أن علاقتُنا بربِنا، من نِعم وحب وعطاء وعَفو ومغفرة ورِسالات وجَبر قلوب وووو، أجدر وأحقّ بالتحدث والتفكير فيه من علاقتِنا مع البَشر.
"… فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاق"
في النهاية، نحن -أجسادُنا- نعيش في هذه الدُنيا ك-عابِري سبيل، لن نبقى، سواء تعايشنا مع المفوّضين أم لا، لن نبقى، سواء تصالحنا معهم أم لا، لن نبقى، كل ما سيبقى هو عمَلُنا وقلوبنا وروحنا التي ستصعد لِربها عند الموت.
"إنّ اللهَ لا ينظُر إلى صوَرِكُم وألوانِكُم، ولكن ينظُر إلى قلوبِكُم وأعمالِكم".

1 comment:

Unknown said...

الناس الآن بطبيعة الحال ثلاثة أقسام
الأول : جند الحق وهؤلاء الذين يحرك الله رياح الباطل ويمنحها القوة لإبتلائهم وإعدادهم لحمل ما هو أثقل وأشد
الثاني : جند الباطل وأهله من المنافقين والمنتفعين والضالين الفاسقين وأولئك الذين تربوا تحت مظلة الظلم والحكم الجبري ،فلا يمكن لهم أن يشعروا بكرامتهم أو يدركوا بأنهم جند لله في أرضه خلقهم ليقيموا دينه ويحكموا شرعه، وهذه الحالة رأيناها في قصة كليم الله موسى عليه السلام حينما اخبرنا الله في سورة الزخرف حينما قال: " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " وقوله في سورة يونس حينما قال : " فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ ... " والذرية هنا هم الشباب الصغار الذين لم يتعودوا على معاني الظلم ولم تتبدل فطرتهم السليمة بعد ...
الثالث: أناس يسببنا الله لهدايتهم وهؤلاء كُثُر
وبناءًا عليه :) ... وجود هذا القسم الثالث يجبرنا على السير في طريق
(التعايش الجزئي) وهو أننا لا نترك الأمر برمته ونترك الدعوة بحجة تشابه القسمين الثاني والثالث في الحال (بأنهم واقفون مع الظلم أو لايبالون بما يحدث من الأساس) ، ولكن نسعى وبكل جهد وراء هؤلاء (الثالث) ولا نمل من دعوتهم إلى الله وسبيل الهدى والحق ولكن بذكاء وإمعان ومنهجية وإعداد منظم ... وليبحث كل منا في الأقرب له ثم الاقرب وهكذا :) ... السلام