Pages

Thursday, October 13, 2016

كارما

أين أنتِ يا كراستي حين أحتاج إليك؟ لم أحضر معي من مسكني سوى كتب الدراسة لأذاكر لكني لم أفتح الحقيبة بعد وسوف أغادر صباحاً. لم أحضر معي كراستي لأني فقدت الإرادة في الكتابة والتعبير عما بداخلي عموماً منذ أمد بعيد، لكن ستفي هذه بالغرض.

حدث الكثير في الفترة الأخيرة وتغير فيّ الكثير والكثير. أصبحت أكثر نضجاً، أكثر هدوءاً، أكثر وحدةً وأقسى قلباً..
الحدث الأكبر هو أني التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية. يقول لي جدي وهو مفتخر بي "مستنيين منك مقال قريب، مقال سياسي"، وهو الذي لا يتزحزح من أمام الشاشات متابعاً الأخبار السياسية بنهم.
بغض النظر أني ما زلت في شهري الأول، ولست في تخصص الصحافة، لكن ما لا يعرفه جدي هو أني في وادٍ آخر تماماً.
توقفت عن الاهتمام المفرط بالسياسة منذ وقت، أتابع على مضد وعن بعد، يأتيني الخبر أمام وجههي أحيانا كالصعقة لأنه يصيب أحد أحبابي، لكني أمنع نفسي من التفكير العميق في أي شيء حتى لا أكتئب، وأنا التى عانيت لمدة عامين لأخرج من حالة اكتئاب.
لم  أعد أكتب مقالات دينية لأني تفرغت للدراسة الدينية مؤخراً، الكلام سهل وجميل، لكنه يفسد النيات ويلطخ القلب ويشوبه. تعلمت بالثمن الغالي علاقة السر بين العبد وربه، وقدسية الدعاء وعزة الشكوى والتذلل له فقط، فما نفعي إن أخبرت الناس بما يدور في عقلي من خواطر؟ جملة دعوية بين الحين والآخر، ندوة ربما، لكن أنا لست أهلاً لذلك. [إيضا؛ نفسي نفسي]

عن ماذا أكتب إذاً ولماذا أكتب وما دخل العنوان بالمضمون؟ الحياة قاسية وسيئة. ويجب علينا أن نكرهها حتى لا نتمنى البقاء فيها. لول أن لست بهذه السلبية عادة، لكني أتذكر الموت في كل خطواتي، في الميكروباص صباحاً ومساءاً، حين أنظر في وجه جدتي، حين أعبر الطريق، حين أتحدث مع صديق مغترب، أتذكر الموت وأحس قربه وأتمنى لقاءه ولا أخاف منه [أتمنى دوام النور وبُعد الغفلة] 
أنا أكره الحياة.
ألهذا تكرهني؟ كارما؟ [karma]

حين تحب شخصاً ويخبرك أنه آسف لا يحبك، فيأتي آخر أنت آسف لا تحبه يحبك، وتتخلى عن أصدق أصدقائك حباً لك، فيتخلى عنك أصدق من تحب من أصدقائك، حين تخالط الصالحين ولا تكن منهم، حين يحاوطك الناس وتبقى وحيداً!

بالأمس كان عندي مقابلة عمل، وسألني السائل عن قيمة أؤمن أن كل من في العالم يجب أن يكتسبها ويتحلى بها، قلت السلام. أردت من إجابتي أن أتطرق بفخري بديناتي في الحديث عن أهمية السلام وكيف أنه أساس الإسلام، لكنه نظر لي باستياء وقال لي، أحقاً تعتقدين أن السلام قيمة؟
صمت قليلاً وتذكرت أن هذه ثالث مقابلة بعد أن لم أجد رداً من الاثنين السابقين، وكم أردت الحصول على مقعدي.
فكرت قليلاً -لمدة شعرت أنها طويلة لكنها في الحقيقة أقل من ثوان معدودات، مثلي حين أتهته في الكلام حين أستجمع ما أريد قوله وأشعر أني تركت العالم ينتظر وأوقفت دوران الأرض وأخللت توازنها ولهذا يكرهني العالم، ولكن أكتشف لاحقاً من التسجيل الصوتي أنه لم يكن سوى ثانية واحدة أو أقل-
فكرت في ما لم أجده موجود في البشر، في قلبي المنكسر، في مشاعري الفياضة المهمشة، في ذلك الفتى
-لماذا أحتاج التفكير في ما هو ليس ملكي وبين يدي لأصل لمعنى، أهذا هو حكمة الابتلاء؟ 
قلت: الحب.

كتب شيئاً في الورقة التى كانت أمامه وأخبرني أن أنتظر الرد في غضون أسبوعين
وكتبت أنا كلمات أغنية تقول أني عندما نظرت إلى النحوم رأيتك
على ما أظن يعني
هذا إن لم تفعل كارما فعلتها هذه المرة.
Rahma Fateen

No comments: