Pages

Tuesday, August 15, 2017

كلما ذهب وتركني

أنا فتاة، وليس عندي مرآة في غرفة نومي
تربيت على قول كلمة حق، تربيت على الوقوف ضد الظلم، تربيت على الإيمان بالله وبالقضايا التي تحث على حبه وعلى العدل والإنسانية.
كريم الأساس- أو ذلك الشيء الذي يبيّض وجوه البنات، في حياتي هو الميكوجل وبقايا الخل الذي أغطي به وجهي وقاية من قنابل الغاز. أرض الاشتباك تستهويني أكثر من ليالي الحِنَن. حقيبة كتفي التي حضرت بها كل المظاهرات يوم كان هناك ثورة أكثر قيمة بالنسبة لي من كل ماركات الحقائب. رسائل حبك هي رسائل السجن من شيخي، قصائد شِعرك هي خواطر تركها الشهيد.
القلوب تحيا بالقضايا التي تؤمن بها، أو بالحب. وأنا ليس لي حبيب.

تستعصي عليّ الحياة كلما ذهب الأمل وتركني، وأجد نفسي أجول في الطرقات كالتائه المهمش، أخسرت قضيتي؟ هل تنتهي الحياة عند هذا الحد؟ لماذا لا تتوقف أنفاسي؟ أعود وأبحث عن قيمة جديدة تشعل فيّ نيران العزيمة.
اعتدنا القتل والوحشية، طال الاحتلال وبت أمشي في الشوارع لا أعرف بلادي. كل شيء رمادي.

وأنا أنظر للقمر، هو ما زال يضيء، قلبي ما زال ينبض، ستنتهي الحكاية بشكل مختلف عما يهيأه الأحداث.
القيم قليلة وسامية، والقضايا كثيرة وتزداد يومًا بعد يوم، وطاقتي محدودة وقاربت على النفاذ، ويقيننا بالله لا ينقطع.
أسيكون غدًا أفضل؟ لا يهم، اليوم ليس جيدًا، طالما لم يمتلئ قلبي حياة تسعى لاسترداد حقوق الموتى، كبرت ورأيت العالم الكبير، والقضايا كثيرة وتزداد يومًا بعد يوم.


المأساة في النضوج مبكرًا هي أن الحياة تجرّك إليها جرًّا، تجبرك على السعي والركض، تريدك أن تسبق، ولأنه مبكر، فليس هكذا تجري الأمور، عليك الآن أن تكون فعلًا لا رد فعل، لكن القضايا كثيرة وتزداد يومًا بعد يوم، الخيارات كثيرة والطرق كلها أمامك، ولو عايز تحيّره خيّره..

Rahma Fateen

1 comment:

Nour Ouf said...

استشعرت تمامًا أنين الحزن والمؤازرة الذْين بين حروفك، ربما لحسرة خالدة في قلبي لأني لم أشارك قطٌّ في أي مسيرة أو مظاهرة أو مدفع للحق، لغيابي عن البلاد حينها..
ولكني كنت أتطلع إليكم تطلع المشتاق، الملهوف، المحروم!
بينكم وفيكم كنت أملأ مكاني الفارغ بجانبكم، أمشي في طرقات المنزل محاكية إياكم، أصرخ مرددة هتافاتكم. كنت أرجف اشتعالًا ونصرة لمحياكم. كم غبطتكم.

حينما عدت إلى مصر، اختلطت لدي المفاهيم، والتبست عندي القيم، نظرت إلى الذين صرخت من أجلهم وناصرت إياهم - بقلبي- فوجدتهم جميعًا ضحايا، ضعفاء وبلا حيلة. كرهت ذاك النضج الذي طلبته وراقبته ينمو، ووجدت الفهوة في قلبي تزداد اتساعًا وعمقًا ووجدتني أحيد عن الطريق، وعن النور.. أسأل الله لنا جميعًا البصيرة.

- بوركت على هذه الخواطر الجميلة الصادقة :)