Pages

Wednesday, September 30, 2015

قوى كالجبل؟

كثيرٌ ما يراودنا أننا لم نُخّير أصلاً لحمل الأمانة في قول الله تعالى "نَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ" وأننا لضعفِنا والهوان الذي وصلنا إليه، لو كان القرار لنا لاخترنا كما اختارت السماوات والأرض والجبال، ­ــــ في تأمل لمفارقةٍ عجيبة، أنه حينما يصفُ أحدنا شخص بالقوة والثبات، يصفه أنه "كالجبل"، كيف والجبل لم يصمُد لحَمل الأمانة التى كلّفها الله، بل وأشفق منها! ولأن الله لا يُكلف نفساً إلا وسعها، فتكليف الإنسان بحمل الأمانة يعني أنها وسعه أو أقل حتى مما (يستطيع) تحمله
دلالة على هذا الكلام –أن الإنسان خلقه الله في طبعه وقوة تحمله أقوى من الجبال أنفسهم- نتأمل مثال سيدنا عمر بن عبد العزيز. تحكى زوجته بعد وفاته عندما سُئلت عنه، أنه كان يخلد للنوم مساءً وفي عينيه الدموع، يقول أنه يتمنى أن يُباعد الله بينه وبين الإمارة كما باعد بين المشرق والمغرب! لكن كيف هو حال الخلافة تحت حكمه في ثلاث سنوات فقط؟ يصفه المؤرخون وعلماء المسلمين أنه خامس الخلفاء الراشدين لورعه وحسن تصرفه، وصل حال بلاده أنه في آخر عام لم يجد فقيراً ينفق له من زكاة المال المفروضة!
أريد أن يُفهم من كلامي أمراً، اعتبر هذا رسالة من الله إليك –يا من تعرف طريقك ومبتغاك ولا يعطلك سوى انتظارك لإشارة- أنك تستطيع. أنت أقوى مما تتصور وأقوى مما تعرف نفسك. هل تعتقد أنك بإيمانك بضعفك تعرف نفسك أكثر مِن خالِقِكَ نفُسه؟ حاشا وكلا. تبكي في سريرك ليلاً وتردد على مسمعك أنك ضعيف وتعبت ولا تستطيع *ضع أي جملة سلبيّة هنا*، والله سبحانه من وضعك في حالك هذا، ويقول "إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" ظالماً لنفسك وقدراتك وجاهل بوسعِك، أمازلت تظُن أنه سيُحمِّلُكَ فوق طاقتِك؟
كلمة "الأمانة" كلمة واسعة جداً وشاملة لأي مفهوم قد يصل إليه تفكيرُ أحدنا، وهي المهمة التى خلقنا الله لأجل إتمامِها. لكن كلٌ منّا ينظر إليها بمنظور ما يظن نفسه قادر عليه –وفي العادة يكون ضئيلاً جداً- لا ما قد كلفه الله به ولم تستطع تحملها الجبال، التى نوصَف بها في أقوى مواقفنا!

فكر في الأمر.
Rahma Fateen

No comments: