Pages

Monday, November 9, 2015

"إيد واحدة" كما في يناير؟

كلما فكرت فيما يسمى بالاصطفاف الثوري والوحدة لإسقاط النظام واستعادة روح الثورة كما كانت في أيام يناير ٢٠١١،
لا أفكر في محمد محمود ولا مجلس الوزراء ولا ماسبيرو، ولا الحرس الجمهوري ولا رابعة العدوية ولا النهضة- فكل الأطراف في المجازر سواء، وإن كانت الانتفاضة من أجل الدماء فستكون من أجل الدم الأحمر وفقط، الذى هو متفق عليه عند الجميع.

لا يهمني من "باع" من ولا من "خان" من ولا من خذل من في أي من المواقف، لا يهمني من خطط لإفشال من ومن كان ساذجاً 
وحَسَن النية دائما مع المكر وإن تشخّص في صورة رجل.

كلما فكرت في الأمر، يأتي في ذهني صورتين، صورة علاء وسناء عبدالفتاح في جنازة والدهما رحمه الله فترة اعتقالهما، وصورتنا أنا والأصدقاء أمام المقابر ونحن في انتظار عمر حاتم بعدما توفي والده أثناء فترة اعتقاله أيضاً.

في الأغلب لا تعرفون من هو عمر حاتم في الأساس. سأخبركم، عمر شاب عشريني، اعتقل من مظاهرة في مدينة ٦ أكتوبر في ذكري ٢٥ يناير عام ٢٠١٤، توفي والده وهو داخل السجن، في حادث سيارة أثناء قضاء أحد المشاوير القانوينة المهلكة لإثبات أن ابنه المعتقل ليس سوى طالب ولم يكن يوماً إرهابياً.

طلبنا من مأموري السجن إحضار عمر لحضور صلاة الجنازة على والده، وبكل ما أوتي أصدقاؤه من صوت إعلامي على مواقع التواصل الإجتماعي، حاولنا إصدار صخب ليصل الأمر إلى المسؤولين ويتدخلوا بأوامر عُليا لإخراجه حتى فقط لحضور الجنازة! لكنه للأسف عمر وليس علاء.
صلينا على عمو حاتم، مشينا في جنازته، دفناه، وانتظرنا أمام المقابر لساعات عديدة ومديدة في انتظار تنفيذ وعودهم. كان المحامين يقولون لنا أن عمر سيأتي، انه في الطريق، نقلاً عن كلام مأمور السجن نفسه.
طال الانتظار.. وعدنا للمنزل مكسورين، بعد أن عرفنا أن عمر محجوز عليه ولم يصله خبر وفاة والده بالأساس!
لا أعتقد أني أحتاج أن أروي ما حدث مع علاء عبدالفتاح، الصور تتحدث عن نفسها.

هنا، لا أدري إن كان الأمر بسبب صخب إعلامي أقوى، ربما، أو كما أظن أنه بسبب التفرقة في المعاملة، ليس من قِبل الأطراف 
بعضهم ببعض، بل من قبل تعامل النظام نفسه-الذي يحاربه كلينا- معهم؟

يأخذني هذا السؤال لصورة أخرى، حديثة.. الرائعات منى وسناء سيف وليلى سويف، منذ بضعة أيام وهن يقفن وحدهن في الشارع 
حاملات لافتات تذكر المارة بقضايا معتقليهم، وحدهن. يرفعن رؤوسنا دائما هؤلاء النساء.

لكن، في الخلفية كان يقف ظباط الشرطة والعساكر مسالمين، في مسافة قريبة جدا منهم، ولم نسمع بعدها بأن أي ضرر قد لحق بهن (؟)

في حين أنه إن كن فتيات أخريات، من فتيات الأزهر المغمورات مثلاً، برداءهن الإسلامي وححابهن، ووقفن نفس وقفتهن هذه حاملات لافتات تذكر المارة بمعتقليهم، أعتقد أنه ليس على رواية المشهد وما سيحدث أيضاً؟ منعاً للإحراج؟

لا أدري لماذا. لا أدري إن كان عمق التفرقة تلك مؤامرة عسكرية وخطة استراتيجية لمنع أي وحدة؟ لا أدري إن كان النظام يفرق بين حالات السجن حتى والأوضاع بداخله، نفس الكرب، لمختلف الأطياف، ويحفظ بعضهم تماما من مقبرة سجن العقرب بالتحديد الذي يموت فيه معتقل شهرياً تقريباً أو أكثر، حتى يغرز ويعزز الحقد بين الأطراف؟

لا أدري، إن كان وضعنا الإنساني الحرج هذا، الذي يجعلنا نتعاطف مع مسجون مظلوم وليس مع آخر، بمثابة تضحية بجزء من قلوبنا وفطرتنا لصالح الخير الأكبر (the greater good)
وأن الأمر ليس سوى تمحيص وإقصاء لأطراف تدعي الوطنية من الطريق إلى تحرير بلادنا

أم أنه خطأ
أن كل هذا خطأ، وأننا مخطئون، ومازلنا نخطئ يوماً بعد يوم بتكبرنا وتجاهلنا للأمر الجلل الذي يحدث للبلاد بشكل عام، فهي سفينة يغرق كل ركابها بغض النظر عن ألوانهم.

لا أدري.

Rahma Fateen

4 comments:

High Light said...

أعتقد هي سياسة فَرِّق تَسُد والتي يعتمدونها منذ أن خلق الله الحياة للإنسان
كلنا واقعوت تحت سيطرتهم الوقتيه وظلمهم الوقتي وكلنا نُسمى معارضه ، وبعد أن كانت لكل أطياف المعارضه سهمًا خاصًا تصوبه نحو الطغاه
اعتمدوا هذه السياسه الخبيثه لجعلنا نصوب أسهمنا نحو أطراف المعارضه الأخرى ، وبذلك يتم الإلهاء الذي سَعَوا جاهدين لفَرضِه

Rahma Fateen said...

هذه حقيقة :)

لكن ما الذي علينا فعله؟ أن لا نُلدغ من جُحر مرتين بسذاجتنا وننسى الاصطفاف
أم نكف عن المكابرة ونتحد لأن في الاتحاد قوة؟

High Light said...

الحقيقه أظن أنه موقف حرج جدًا وخاصةً بالنسبه للمعارضه ذات السمت الإسلامي ، ويحتاج إلى التحليل والتفكير
حيث أن مُعظم شباب المعارضه لا يعترفون بالاصطفاف وفي نظرهم هو تواطُؤ
وانا حقيقة مع هذا الرأي ، وليس في الأمر مكابره ، وإذا اكتفينا بالمعارضه الإسلاميه وتمت تغذيتها إيمانيا وفكريا فهي في حد ذاتها إتحاد وقوه

Unknown said...

بسم الله ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الكيّس من دان نفسه .." والكياسة هي الفطنة والاحتياط
فلو أن فَطِنًا سائر في مجموعة وعينيه مصوبتان إلى علامة في الطريق يريد الوصول إليها لا يضره ولا يفتنه انحراف الجمع ب"شرط" أن يُغلّب نور الوحي على ظلمات الأهواء، فإن كان كذلك تبعه الناس ولو بعد حين "120" النحل و"21" الأحزاب.
قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " فالقومة لابد أن تكون الله خالصة له، ولا يجب أن يحملنا بُغض قوم وجورهم على أن نسلك سبيلًا غير سبيل الله ورسوله ، ومن أعلى درجات العدل أن ينصف الإنسان من نفسه وقد قال عمار بن ياسر رضي الله عنه _وهو من السابقين الأولين من الصحابة_: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان، الإنصاف من نفسك ،وبذل السلام للعالم ،والإنفاق من الإقتار"، كما أنه لا بد لنا من استبانة سبيل المجرمين "55 الأنعام" ، لأنه لا يستقيم لنا الأمر بأي حال من الأحوال أن نسير إلى الله في غير الطريق الّذي رسمه لنا وفرضه علينا فضلًا أن نسلك سبيل المجرمين عوضًا عن استبيانه ومحاربته.
بناءًا على ما ذكرته أقول أنه لن يمكّن الله لنا ما دمنا نسعى لتحقيق دولة "ديموقراطية" ذات الآليات الكافرة الناقضة للشرع الحنيف وهي تُختصر في احتكام الشعب لنفسه وتقنين أموره بذاته ويكأنه ليس هناك ربًا ولا رسل ولا شرائع ولا دين أتمّه الله وأكمله "المائدة 3" ،والمساواة بين الكافر والمسلم وكذا بين الرجل والمرأة في الولاية أصلًا من أصوله ، إذ أن هذا النظام "الديموقراطي" لا يُحرّم ترشح نصراني أو "علماني" أو إمرأة لولاية أمور المسلمين وهذا استباحة لما حرم الله ورسوله وتحكيم لغير شرع الله لا يقول به مُسلم ، وهذا ما سرنا عليه بعد الثورة_أو إن شئت فقول المنّة التي كفرنا بها بدلًا من أن نشكرها_ وتحججوا بأن ذلك هو المتاح وخافوا انقلاب الناس وانقلاب دول الكفر الغربية"56،57" النور، وأخذنا نكلم الناس عن ثورات الغربيين من قبل وكيف نجحت حتى نُصبت الأمور في غير مواضعها وأصبح لدينا القناعة أن التغيير في بلاد المسلمين سيكون بما كان في بلاد الكافرين مع أننا دائمًا ما نردد قول الله :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " ولم نتأمله يومًا أن الله "خصّ" المؤمنين_ لما قال يا أيها الّذين آمنوا_ بأن انتصارهم قرين لنصرتهم ربهم وليس ثمة طريقًا غير ذلك ، وهكذا كانت قولة عمر بن الخطاب الشهيرة : " كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله". ولكن سارت الأمور وكأنه الحق الأبلج وهو في ذاته عين الضلال المبين " المائدة 44 " ...ولذلك كانت النتيجة كما وقع سالفًا مما هو أعظم كثيرًا مما نراه الآن من قتل وتشريد واغتصاب وتعذيب في القرن العشرين في سوريا(حافظ الأسد) وفي الجزائر وفي غيرها من بلدان الإسلام"165" آل عمران.
خلاصة القول : إذا اخترت السير على غير هدي محمدٍ فلا تسأل الله عن نصر ولا تمكين لأن لله سنن لا تتبدل ولا تتغير "23 الفتح" ،وليس التمكين لنا بأن تكون دولتنا عادلة فحسب ، فالعدل جزءًا من المقاصد الإسلامية، ولكن التمكين هو تمكين الدين بالكلية "55" النور .. والتمكين رزق _كما التوحيد والإسلام لله تعالى_ ورزق الله لا يُنال إلا بطاعته.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن روح القدس نَفَثَ في رُوعِي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ،ولا يحملّن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبَه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته" صححه الشيخ الألباني