Pages

Saturday, July 15, 2017

عن الألم والأمل

الألم والأمل

نفس الأحرف، لكن طرف النقيضين. أو ربما لا؟

من منطلق البحث عن الحقيقة والإيمان أن وراء كل شيء حكمة ماما تسقط من ورقة إلا يعلمها"، نربت على أكتافنا ونقول أن الألم وراءه إعداد وتزكية للنفس وارتقاء للروح.
ما من ألم أعظم من الذي شعر به رسولنا صلى الله عليه وسلم، والنتيجة أعظم رجل قد تنجبه النساء.

وكلما عظم حلمك، عظم ألمك. وكلما كانت القيمة أكبر، كلما كان الثمن باهظًا.
بعد التسليم لهذه الحقيقة، هل يعد طلب الوصول إلى الحلم، طلب حصول على ألم؟ 
كثيرٌ من يجعل الهدف أمامه وقودًا، وكثيرًا من يجعل الألم ما يحركه، لكن يبقى السبب فوقه غشاوة، هل تريد الوصول إلى هدفك لأنك تتألم؟ أم تتألم لأنك تريد الوصول إلى هدفك وحلمك؟ أم تريد الوصول إلى هدفك وتتألم في الطريق إليه لأنك تريد شيئًا أعظم وقيمة أعمق من الهدف وصورته؟
ماذا لو زاد الألم؟ زاد ويزداد وتعلم أنه سيستمر في الزيادة، كيف ستتعامل معه وهو يثقل قلبك ويحمله إلى أسفل، فصرت بدلًا من كونك شخص يسبق الرياح نحو الغاية لأن قيمتك سامية، أصبحت شخصًا يجر قلبه وراءه بالسلاسل حتى لا يزيغ عنه. لكنك ما زلت تعافر، وتستمر، كيف ولماذا؟

كانت هذه الأفكار تجول في رأسي  عندما شاركنا أبي ما كان يقرأه على الانترنت، تجربة فئران.
رجل أخذ بعض الفئران ووضعهم في إناء ماء عميق. وجد الفئران تعافر وتحاول السباحة لتنقذ نفسها من الغرق، قاوموا لمدة ١٥ دقيقة فقط، ثم استسلموا وماتوا.
أحضر مجموعة أخرى من الفئران، وحدث نفس الشيء لكن قبل ال١٥ دقيقة أخرجهم من الماء ليستريحوا، ثم وضعهم مجددًا في الماء. كم من الوقت قاوموا بعد أن رأوْا احتمالية إنقاذهم؟ ٦٠ ساعة! يعني ٣٦٠٠ دقيقة متواصلة من السباحة والمقاومة، على أمل أن ينقذهم أحد!

هكذا يصنع الأمل فينا، يجعلنا نتحمّل الألم بشكل لم نكن نتوقع أن نقدر عليه، وكلما ازداد الألم ازداد الأمل، لأنك تشعر أن هذه هي النهاية وما عدت قادرًا على تحمل أكثر من ذلك فبالتأكيد سيأتي من يخرجك مما أنت فيه، ثم تقاوم أصعب منه وتتحمل ألمًا أكثر من ذلك بكثير.

سألني، ما الذي يعطيك الأمل؟
مررت بعقلي على كل الحقائق التي أؤمن بها، والتي لا شك فيها، لم أجد إلا اثنين، الله والموت.
قلت له، الموت يعطيني الأمل. الحقيقة الوحيدة في هذه الدنيا التي تجسد الانتهاء، فالله لا يفنى، أما الموت، معنى أنه موجود يعني أن كل شيء له نهاية، وكل شيء يتضمن الألم الذي نشعر به، له نهاية، إن لم يكن بفناءه نفسه، فبفناءنا نحن.
"لا يجمع الله لمؤمن خوفين ولا أمنين
من تألم من الدنيا حقًّا لله، لن يتألم في الآخرة، فيكون الموت نهاية كل آلامه.
هذا يعطيني أمل، قد يبدو سوداويًا بعض الشيء، لكن كلما تساقط الموتى حولي، كلما شعرت أن دوري قد اقترب، كلما تلذذت بالألم وطلبت المزيد منه، تطلعت لهدف أكبر وغاية أسمى. كلما صعدت روح إلى بارئها، كلما ازداد وقودي، وازدادت رغبتي في البقاء لا الفناء، لأصل إلى منزلة أكبر، وأضحي أكثر، وأتألم أكثر، وأسعى وأبذل أكثر.

كل نفس ذائقة الموت، والأمل موجود سواء رأيته أم لا، كعزرائيل، يحوم حولك وأنت لا تدري، أبصره تعمل، واشعر به، لأنه عكس الألم، لا يثبت وجوده، بل عليك أن تفتح عينك وتبحث عنه، تراه، فتؤمن وتعمل.

2 comments:

Soraya said...

You couldn't be more truthful about it; a dream so big is surrounded by so much pain trying to accept the reality that contradicts it. However, as long as you dream big, you are overwhelmed with passion, love and dedication and it keeps you going most of the days.
It's true that the only two truths in our lives are God and Death. Both will lead us there.. to the ethereal.
You should post more often.

Rahma Fateen said...

You're right but sometimes too much pain kills your feelings so you doubt your passion every single day, and when it's too much you no more see the fantasy of it so no love, just dedication maybe.
It's all about inspiration, I guess we should get back to our emails :)