Pages

Tuesday, January 2, 2018

إليكِ

إليكِ..

ها هو نهار اليوم الثاني ينجلي، وها هي السماء أعلنت انفصالها عن الموسم الشتوي، وأمست صافية دون سحابة واحدة، لا يجعل ذلك الغروب مستحق للمشاهدة، أليس كذلك؟ أليس إعجابك بمنظر الغروب أساسه تكونات السحاب، واختلاف درجات الألوان لأشعة الشمس التي تتخلل السحب وهي تودع اليوم وتعلن نهاية دورها؟ ألا تذكرين حلمك الذي لازمك منذ صغرك، أن تكوني بارعة بالألوان حتى تتمنكي من نقل بعض جمال الخلق في لوحة، بدلًا من أن تفني متأملة، ذائبة في عشقك للجمال وخالقه ومصدره؟

ها هو نهار اليوم الثاني قد انجلى، وانجلى بعضك، وما رضيتي، كعادتك.

كنتِ من قبل شديدة القسوة عندما لا ترضين، لشدة حماسك ربما، لشدة رغبتك في الكمال، كان المنبع انغماسك في هم أمتك وإخوانك، انغماس شديد حتى اختفت ملامحك وبهتت روحك واستنزفتي تمامًا، ونسيتِ أهم فرد في المعادلة، أنتِ.

أخبروكِ أنكِ بدونك لن تكوني ما تطمحين، ضمدتِ جرحك ووقفتي على رجليكِ، انغمستِ في نفسك كثيرًا، حتى صار ذلك همكِ الوحيد.
قلتِ أنك أصحبتِ أنضج وأهدى، فهل يعني هدوءك الآن زهدك في المعالي؟ أخشى ذلك فاحذري.

ماذا عن تمحور حياتكِ حولكِ؟ ما زالت رغبتكِ في الكمال مشتعلة، لكن لتجنب القسوة، تجنبتي التفكير في أحد سواك، "علي أن أدللني، أن أرعاني، أن أسامحني وأن أربيني كما تربي الأم طفلتها" غرض شريف، لكن؛ أين دينك وأمتك من المعادلة؟

تدعين دائمًا "اللهم استخدمني ولا تستبدلني" دعاء يتمحور حولك، ككل شيء آخر، أتذكرين إعجابك بدعاء شيخك "اللهم اجعل عملها فتحًا لأمتها"؟ صيغة غريبة أليست كذلك؟ محور الدعاء ليس أنتِ!

أكتب إليكِ الآن، علك تتفكرين إلى أن تعيدي قراءة كتابي هذا، هل في ذلك عيب؟ أن تتمحور حياتك حول ذاتك؟ ربما، دون عجب لا ضير! ربما، لأني يوم القيامة أقول "نفسي نفسي"، ربما لا ضير، لأني بإصلاحي لذاتي أصلح أمتي. هل حقًا الأمر كذلك؟ أم أنك نسيتِ تمامًا غرضك من ذلك الاهتمام المفرط بالذات؟ أرجو أن تكوني قد وجدتِ الإجابة، كيف يتم تحقيق الموازنة، وأي كفّة يجب أن تطغى على الأخرى؟

أكتب إليكِ، لأني ما رضيت عنك، ولا عن أحلامك وهِمَمِك وهمومك، أهكذا عاش قدواتك؟ لا والله ليس كهذا أرادوا أن تكوني، فاحذري.

يأتي يوم جديد، رزق جديد ذلك اليوم الجديد، رزق جديد في اليوم الجديد، وأنتِ كما أنتِ، تتعاقب عليكِ الأيام، يزداد استخدامك للمسكنات، وتعتادين على المنبهات، ولا يستقيظ فيكِ أي جزء سوى عينك، ترقبين الوقت يمر، تتأملين شعرك يشيب، تفعل بكِ المصائب فعلتها، تسمحين لها، وتمضين كأن شيئًا لم يكن، كأن كيانًا لم يهتز، كأن فكرًا لم يتغير، كأن عقلًا لم يتطور، كأن قلبًا لم يشتاق، تتأملين فقط.. ثم يأتي نهاية العام كالصاعقة، أحقًا تُصدمين؟ أتجيدين التمثيل؟ أين ذلك القلب الصادق الذي يزعم علمه بمجرى كل نَفَس فيه؟ أين ذهبت ادعاءاتك بالبصيرة؟ إثم العالم أكبر من إثم الجاهل، أتذكرين؟

هذا ندائي الأول لكِ هذا العام، أتمنى أن يكون الأخير.


-منها.
Rahma Fateen

1 comment:

thrivingone said...

Dearest,
This might be astonishingly true, but not at the same time. We need to work on ourselves in order to fulfill our potentials. We cannot perceive ourselves as broken forever, we need to fix ourselves, rise above the shackles, heal our hearts and reclaim our souls.
It takes time, but afterwards, it is when the empathy within you awakens and the world starts to need you more. By then, you shall have the energy and light to help the nation by who you are, by a sprouting self-confidence and compassion that you diffuse around you.

Take your time, but stay faithful and loyal to your cause. Set an intention, and I’m sure you have one.

:)