Pages

Showing posts with label letter. Show all posts
Showing posts with label letter. Show all posts

Saturday, August 18, 2018

رسالة مفتوحة إلى أختي الكبرى في يوم زفافها



(١)
انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر، وخشيت قدومه حدّ الأرق، لحسن الحظ (أو لسوءه أحيانًا) لا يكذب وجهي ويشرح كل ما بداخلي وكأنه زجاجٌ، كنت أسعد خلق الله على وجه أرضِه، وفي الوقت ذاته الأكثرَ حزنًا، والأكثر اشتياقًا إليك قبل حتى رحيلِك، مزيجٌ من المشاعر لا يمكن وصفه، غير قابل للحدوث أصلًا لولا أنه من صنع الله، كجمالك الليلة، أضعاف جمالك في كل ليلة كنت أتأمل فيها وجهكِ الهادئ المنير لدقائق طوال حتى تلتفتي على استحياءٍ ونضحك فأقول "انتي مضحكة اوي" هربًا من الاعتراف أني قد أُسرت من النظرِ إليكِ. وتلك ليست كل الحكاية!

(٢)
كان لدي أُمّان، الأم التي حملتني وأرضعتني، والأخرى -أنت- التي أظن أنها لم تكن تمانع من حملي إن كان الخيار بيدها، فهو أمر أعلى من عطاءها نقرة واحدة فقط. ورغم أننا متضادين ومختلفين في معظم الخصال والآراء، إلا أنك أنتِ من شكّلتني، أنتِ من اخترتِ لي اسم بريدي الإلكتروني الأول، الذي -بعكس الناس- لا أستحيي منه، أنتِ من علمتني أن أكتب، فصار ذلك شفائي ولكِ كل الثواب، أنتِ من أضفيتي على البيت -وعليّ- العنصر الأنثوي اللطيف الجميل، الذي (سأحتاس) فيه بدونك، "منة الطرحة دي لايقة؟"، سأخرج من المنزل الآن باحتمالية أن تكون ملابسي غريبة الأطوار مثلي..

عزيزتي منة؛
منة، أخبرتكِ قبلًا عن هوسي بالأسماء؟ حفيدة العائلة الكُبرى وأختي الوحيدة واسمها منة! هل سيمُنّ الله عليّ في حياتي بما هو أغلى منك؟ لا أظن
كثير ما كنت أقول في نفسي، فتاة مثلك، في جمالك وعلمك وأدبك وخلقك وحيائك ورقّتك، مَن مِن الرجال يستحق حتى إصبع رجلكِ؟ كنتُ أحضّر خطابَ تهديدٍ لذلك الرجل الذي سيحاول الاقتراب منكِ؛ أن احذر! إن فكرت في أن تمَسّها بسوءٍ فعليك اللعنات منّي طالما حَييت، لكنّي وجدته رجلًا مُصطفًا أنزلكِ في قلبه منزِلًا يُطمْئن، وجدتكِ سعيدة معه، رغم غيرتي الشديدة، لكن سعادتُكِ سعادتي، قد فشلت في إسعادَكِ مراتٍ عديدة، أغضبتُكِ وشددتُ شعركِ وأفسدتُ ورقكِ المُعلّق على حائط غرفتنا (أتذكرين ذلك اليوم؟ هه كنتُ شريرة جدًا)، فشلتُ في أن أحظى بقربكِ حتى قررنا في لحظة الافتراق في غرفٍ منفصلة، لكني كنت أعود إليكِ وأطلب النوم على الأرض إلى جانب سريرك.. 
ربما ستجدين فيه صديقًا أفضل مني، لكنكِ في النهاية وقبل كل شيء أختي من لحمي ودمي، لن يحبكِ أكثر مني مهما حاول
(وذلك تهديد ضمني لا يضر)

(٣)
ستكونين أُمًا رائعة، أتخيلُ بناتكِ، يا ألله نسخ كثيرة مُصغرة من منة ما هذا الجمال؟ يحتاج العالم لمزيد منكِ حتمًا ليكون مكانًا أفضل. أفواه غير أفواهنا ستذوق وجبات الفطور المُعدة بتعليمات مقاطع الفيديو، ووجبات الغذاء من أصناف البلدان المختلفة، المكرونة بالصوص الأبيض والفاهيتا التي تتحول في بعض الأيام للمكرونة سريعة التحضير (إندومي) لأنكِ لا تريدين الطبخ، من سيقوم بإعداد شرائح البطاطس المقلية في (انصاص) الليالي؟ الكشري في وجبة السحور والبكاء من العطش طوال اليوم، ثم رمضان وتراويح بدونك؟؟ لم أكتفِ بعد.

(٤)
عشرون عامًا في حَضْرَتكِ لا تكفي أبدًا أبدًا أبدًا، عشرون عامًا أنظر إليكِ وأتطلع في كثيرٍ من الأمور وأقتدي بكِ في كثيرٍ آخر.

ختام كلامي سيكون أن كوني كما أنتِ؛ بفطرتكِ النقية التي لم يستطع العالم المتسخ أن يخرّبه، بقلبكِ المعطاء الذي لا ينتظر مقابل، بخُلُقكِ النادر وحُبكِ لله الذي يفوق حبكِ للبشر، بتقواكِ وحفاظكِ على حدود الله، يكفي المديح أليس كذلك؟ أريد فقط القول.. سترحلين، لكني أريدكِ "منة" مهما زادت المسافات ومرت السنين، لا غربة في وجودك، ووجودك حاضر في قلبي حتى في غيابك.
أعطِ نفسكِ حقها، وأعطِ مصطفى ودًا ومودة ورحمة، املئي بيتك بروحك التي بداخلك وسيكون بيتًا ينظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ويبتسم.

أحبك كثيرًا،
أختك الصغيرة،

رحمة.



Rahma Fateen

Tuesday, January 2, 2018

إليكِ

إليكِ..

ها هو نهار اليوم الثاني ينجلي، وها هي السماء أعلنت انفصالها عن الموسم الشتوي، وأمست صافية دون سحابة واحدة، لا يجعل ذلك الغروب مستحق للمشاهدة، أليس كذلك؟ أليس إعجابك بمنظر الغروب أساسه تكونات السحاب، واختلاف درجات الألوان لأشعة الشمس التي تتخلل السحب وهي تودع اليوم وتعلن نهاية دورها؟ ألا تذكرين حلمك الذي لازمك منذ صغرك، أن تكوني بارعة بالألوان حتى تتمنكي من نقل بعض جمال الخلق في لوحة، بدلًا من أن تفني متأملة، ذائبة في عشقك للجمال وخالقه ومصدره؟

ها هو نهار اليوم الثاني قد انجلى، وانجلى بعضك، وما رضيتي، كعادتك.

كنتِ من قبل شديدة القسوة عندما لا ترضين، لشدة حماسك ربما، لشدة رغبتك في الكمال، كان المنبع انغماسك في هم أمتك وإخوانك، انغماس شديد حتى اختفت ملامحك وبهتت روحك واستنزفتي تمامًا، ونسيتِ أهم فرد في المعادلة، أنتِ.

أخبروكِ أنكِ بدونك لن تكوني ما تطمحين، ضمدتِ جرحك ووقفتي على رجليكِ، انغمستِ في نفسك كثيرًا، حتى صار ذلك همكِ الوحيد.
قلتِ أنك أصحبتِ أنضج وأهدى، فهل يعني هدوءك الآن زهدك في المعالي؟ أخشى ذلك فاحذري.

ماذا عن تمحور حياتكِ حولكِ؟ ما زالت رغبتكِ في الكمال مشتعلة، لكن لتجنب القسوة، تجنبتي التفكير في أحد سواك، "علي أن أدللني، أن أرعاني، أن أسامحني وأن أربيني كما تربي الأم طفلتها" غرض شريف، لكن؛ أين دينك وأمتك من المعادلة؟

تدعين دائمًا "اللهم استخدمني ولا تستبدلني" دعاء يتمحور حولك، ككل شيء آخر، أتذكرين إعجابك بدعاء شيخك "اللهم اجعل عملها فتحًا لأمتها"؟ صيغة غريبة أليست كذلك؟ محور الدعاء ليس أنتِ!

أكتب إليكِ الآن، علك تتفكرين إلى أن تعيدي قراءة كتابي هذا، هل في ذلك عيب؟ أن تتمحور حياتك حول ذاتك؟ ربما، دون عجب لا ضير! ربما، لأني يوم القيامة أقول "نفسي نفسي"، ربما لا ضير، لأني بإصلاحي لذاتي أصلح أمتي. هل حقًا الأمر كذلك؟ أم أنك نسيتِ تمامًا غرضك من ذلك الاهتمام المفرط بالذات؟ أرجو أن تكوني قد وجدتِ الإجابة، كيف يتم تحقيق الموازنة، وأي كفّة يجب أن تطغى على الأخرى؟

أكتب إليكِ، لأني ما رضيت عنك، ولا عن أحلامك وهِمَمِك وهمومك، أهكذا عاش قدواتك؟ لا والله ليس كهذا أرادوا أن تكوني، فاحذري.

يأتي يوم جديد، رزق جديد ذلك اليوم الجديد، رزق جديد في اليوم الجديد، وأنتِ كما أنتِ، تتعاقب عليكِ الأيام، يزداد استخدامك للمسكنات، وتعتادين على المنبهات، ولا يستقيظ فيكِ أي جزء سوى عينك، ترقبين الوقت يمر، تتأملين شعرك يشيب، تفعل بكِ المصائب فعلتها، تسمحين لها، وتمضين كأن شيئًا لم يكن، كأن كيانًا لم يهتز، كأن فكرًا لم يتغير، كأن عقلًا لم يتطور، كأن قلبًا لم يشتاق، تتأملين فقط.. ثم يأتي نهاية العام كالصاعقة، أحقًا تُصدمين؟ أتجيدين التمثيل؟ أين ذلك القلب الصادق الذي يزعم علمه بمجرى كل نَفَس فيه؟ أين ذهبت ادعاءاتك بالبصيرة؟ إثم العالم أكبر من إثم الجاهل، أتذكرين؟

هذا ندائي الأول لكِ هذا العام، أتمنى أن يكون الأخير.


-منها.
Rahma Fateen