Pages

Sunday, December 31, 2017

Best 20 of 2017

(1)
تتساقط قطرات المياه قطرة تلو الأخرى، أو سَوِيًّا، قطرات تهتف “الله” “الله” كلما لامست الأرض بعد رحلتها الطويلة من السحب ومرورًا بالفراغ الشاسع عموديًا بين السماء والأرض. “هو الله” “هو الله”، يزداد المطر قوة ولا يتردد في أذني سوى صوت الشيخ عبد الله كامل وهو يقرأ نهاية سورة الحشر: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله _صوته مؤثر جدًا، وهو الكفيف لا يرى بعينه مظاهر الحياة، لكن قلبه ينبض بالبصيرة. بالتأكيد مهما بلغ جمود قلبي لن يكون أقسى من الجبال –عافاني الله!… هو الله، هو الله، هو الله، قطرة، قطرة، قطرة.. يردد الشيخ الآيات لأنه لا يتمالك دموعه، قطرات مالحة تخرج من عينيه في انسياب تام مع قطرات المطر، آمنت بمُحيي القلوب! الشتاء أحب الفصول إلى قلبي، وقلبي بيد الله يفعل به ما يشاء، قلبي مصنوع من روح الله، بيد الله، مليئ بحبه..
تمر الأيام وأنا أتمنى أن يبقى الشتاء طويلاً، فيتسلل المطر ربما داخل قلبي في مرة ويتشقق الجدار من حوله حتى يهتز كياني كله 
ب “هو الله”.


(2)
عن سورة الفاتحة وجمالها، ونعمة المولى أن أمرنا بقراءتها في كل ركعة في كل صلاة خمس مرات في اليوم، يومياً، مدى الحياة
عندما يتحدث أحد عن تدبر سورة الفاتحة أثناء قراءتها في الصلاة لإحضار الخشوع، يتطرق للحوار الذي يدور بين العبد وربه "حمدني عبدي/أثنى عليّ عبدي..إلخ"

لكني أعتقد أنه كي تستشعر حضرة المولى بقلبك كله بعد كل آية يجب أولاً أن تستحضر معانيها بينك وبين نفسك.
وأنا أراها من أعظم السور التي وُجدت على الإطلاق، تُشفي أي احتياج طوال اليوم وتضع اللمسة الربانية في اليوم عندما تقطع عملك كي تصلي.

-الحمدلله رب العالمين:

الحمد لك يا الله أن وضعتني في الحال الذي أنا فيه، سراء أو ضراء، خير جليّ أو خير خفي، الحمد لك، رب العالمين، وربي، تربيني على حسن شكرك والرضا بما قسمته لي

-الرحمن الرحيم:

أنت بي راحم، رحيم صيغة مبالغة فلا يفوقك رحمات، أنت أقرب إليّ من حبل الوريد، تشعر بي وتعلم حالي، رحمن رحيم، لا يخفى عليك ألمي ودمعي، أنا موقنة بذلك.

-مالك يوم الدين:

مالك السماوات والأرض، مالك كل شيء، يوم الدين سأقابلك وأقف بين يديك، أنت حق، والقيامة حق، والجنة حق والنار حق، الإسلام حق، آمنت بك.

-إياك نعيد وإياك نستعين:

أنت علام الغيوب، حسبنا، ونعم الوكيل، نعم المعين، لا تخذل عبداً لجأ إليك، نعبدك، فتعيننا، انقطعت كل السبل إلاك، أعنا يا الله.

-اهدنا الصراط المستقيم:

ضللنا بوصلة الحياة، وهُداك الحل الوحيد للنجاة، اهدنا يارب الصراط المستقيم، اهدنا، فليس لنا دليل إلا نورك، نحن الفقراء، الضعفاء، الجاهلون، لن نصل إلا بهداك.

-صراط الذين أنعمت عليهم:

عجيب حقاً! لا يوجد صفة لمن يسير في الصراط المستقيم تجعلهم كذلك إلا أنك قد أنعمت عليهم سبحانك، وما أعظمها نعمة! يا الله أنعم علينا واجعلنا منهم

-غير المغضوب عليهم ولا الضالين:

إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، عافيتك ستقودنا إليك، وغضبك من ضلالنا يشقينا
يارب، آمين..
-----------------------------------------------------------------------------

(3)
"الأمر الذي لاحظته يا أبي أنه رغم تقلبات الحياة والمشاعر والتجارب، يجب أن يبقى هناك شيء ثابت لا يتغير، حتى لا نجد أنفسنا مع الرياح تقودنا يميناً ويساراً دون ثابت نتمسك به. ومما تعلمته أقول أن هذا الشيء هو حب الله عز وجل.

"أحبب من شئت فإنك مفارقه" لكن الله حي لا يموت، لم يلد ولم يولد، هو معكم أين ما كنتم، أقرب إليه من حبل الوريد، مهما تجمد قلبنا ناحية البشر، واهتز ثقتنا بهم، ولم نستطع التعبير عن مكنون ما نحمله لهم، يجب أن يبقى حب الله يزيد ولا ينقص، ثقتنا به لا تهتز.
وإيماننا بوجوده في حد ذاته إحياء لقلوبنا ثم ظبط لبوصلة حياتنا. الناس تجيء وتذهب، ويبقى الله..
المهم أن نحافظ على تعبيرنا لحبنا له سبحانه، فهو لا يقصر ولا تأخذه سنة ولا نوم، نعمه علينا لا تعد ولا تحصى ونحن المقصرون الغافلون. اللهم اعف عنا." -رسالة إلى شيخي
-------------------------------------

(4)
"وقالوا الحمدلله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين"

عندما نفهم حقيقة الحياة وندرك نعيم الجنة ونستوعب عظمتها والنعيم الأبدي، نحمد الله أن أورثنا الأرض!
بكبدها وشقاءها ومُرها، إلا أننا نعلم أنها كلها خطوات تأخذنا
لهدفنا = الجنة.

فنعم أجر العاملين!
---------------------------------

(5)
قد يحتاج المرء في بعض الأحيان أن تخاطبه بالعقل الذي فضله الله به على خلقه، أن تقنعه أن الرب واحد وهو الخالق الرزاق القادر الفعال لما يريد. أن تُحضر له الأدلة القاطعة التي أثبتها العلم فيما بعد أن للكون مُسيّر. لكن مهما كبُر حجم عقل الإنسان فمبادئه في النهاية لا تترجم لأعمال إلا إذا كانت مصحوبة بإيمان قلبي يتدفق في كل كيانه.

وهذا القلب الممتلئ بالإيمان قد منحه الله لكل مخلوقاته على وجه الأرض، فترى الشجر والحجر يسبح بحمده (إيمان) ويسير كما يريد الله ويطبق مراده منه (فعل). فالأصل هو القلب، يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم "إن في الجسد لمضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"

يقولون دائمًا لا تتبع قلبك لأنه سيأخذك في طريق لا يُحمد عقباه، وأقول أنك إن لم تتبع قلبك لن تتحرك خطوة واحدة إلى الأمام. لأن العقل يصل إلى نهاية عند نقطة ما، لن تستطيع الاقتناع بشيء أكثر من حقيقة أنك مقتنع بذلك الشيء، حين تقتنع به فقد اقتنعت به –لا يوجد شيء أعلى من ذلك.

أما الإيمان فلا نهاية له، ووسيلة الزاد منه معروف ومطلوب، التزود منه وقود، وهو في ذاته وقود لأي فعل أو قول تبتغي فيه كمال النموذج ورقي التصرف.

الاقتناع العقلي والإيمان القلبي معًا تجاه أمر ما يجعل منك مالكًا للدنيا وما فيها.

كذلك يجب أن يكون حالنا مع الله، هو في النهاية قد خلق الدنيا وما فيها وسخرها لنا، إن بلغنا ذلك المنزل، اتسعت لنا الدنيا وإن ضاقت، وسَبَح قلبنا في حب الله مع تسبيحات الشجر والحجر، وصنعنا المعجزات.

---------------------
(6)
As learners, we wonder if there is any way to acquire knowledge other than suffering.

Point is that when you're in pain, you're most vulnerable and that's the best time to connect with your true self, to clearly see who you are with all the positives and negatives away from societal constraints and the fake facade you put on everyday-that's when you're able to contemplate.

When we pray for wisdom we don't necessarily ask for pain, but maybe God can use His magic to maximize His teachings in the most efficient way.

Quick, young, effortless and pure.

That's not impossible right?
----------------------------------------------------

(7)
قانون تناقص المنفعة الحدية في الاقتصاد ينص على أنه مهما بلغ احتياجك/حبك لشيء ما=كلما تزيد منه، يقل استمتاعك/استفادتك

-بعد يوم صيام شاق، في ذروة عطشك، تكون أول شربة ماء بالنسبة إليك أكثر ما يرويك، ومع كل كوب ماء يقل ارتواءك حتى تتوقف عن الشرب تمامًا.

-حين تريد إثبات صدقك لأول مرة، تُقسم بالله "والله"، وكلما زدت في استخدام اللفظ ١-قلت قدسيته عندك ٢-لم يعد يؤثر في تصديق الناس لك (قد يصل أنه لا يوجد تعارض بين حَلَّاف وكذّاب)

-في أول يوم التزام لك/أول يوم رمضان، يكون خشوعك في الصلاة واستحضار قلبك قد بلغ مبلغه، لكنك مطالب بأن تصلي في اليوم خمس مرات، كل يوم، فيصعب عليك بعد انغماسك في الحياة أن تكون جميع صلاوتك كأنها آخر صلاة، وتجد نفسك تحارب حتى تستلجب الخشوع

-تريد أن تكون من أهل القرآن، تريد أن تعيش بالقرآن وتقرأه قيامًا وقعودًا، لكن مع كل مرة تزداد قراءتك سرعة، ويقل تدبرك، وتبدأ في البحث عن جواز الحدر، ويكون مجلسك خلال القراءة مجلس لا يليق بمن تحُفّه الملائكة

يصعب عليك أن تُدخل عادة جديدة في حياتك دون أن "تعتاد" عليها، وللأسف بدل من أن نغيّر حياتنا لتكون مؤهلة لاستقبال التغييرات المصحوبة بالتدين، نحاول أن نأقلم الدين على حياتنا

وهذه نتيجة أرى أنها طبيعية جدًا ومتوقعة، حتى مع علاقتنا مع الله، نحاول الموازنة بين الخوف والرجاء.
لا يجب أن يكون ذكرك لله في حياتك الذي لا ينقطع وسكنك إلى جواره تمامًا يجعلك تألفه ويصبح -سبحانه- كالصديق الذي لا خشية منه ولا تقوى.

لكن الله عالج ذلك الأمر -لكونه طبيعي جدًا ومن فطرة الإنسان (حتى أنه مع البشر يحتاج لمن يسكن إليه "لتسكنوا إليها")-

فأوجد الابتلاءات. ديناميكا الحياة

ليذكرك دائمًا أن الدنيا فانية ولا يجب أن تعتاد عليها. ليعود بك لحالتك الأولى، عطش جمّ واحتياج وتذلل وتضرع لله عز وجل. ثم تتخطى اختبارك وتألف الحياة، ثم يصيبك مصيبة أخرى وهكذا..

فاللهم لك الحمد.

لا يوجد دقة أكثر من الحديث القدسي (من أتاني يمشي أتيته هرولة)

---------------------------------------

(8)
وإن أمنيتي في الحياة أن لا أموت وأنا "لا أعرف". لا أعرف ما يجري في العالم من ظلم وجبروت، لا أعرف ما يعنيه العدل والإنسانية.

لا أعرف ما يتألم منه الضعفاء والمنكسرون، لا أعرف ما يعنيه الجَبر والسكون والرضا.

لا أعرف ما يريده الله مني، لا أعرف ما أستطيع فعله وتقديمه لمن عَلِمت حاجته.

أخشى أن لا أرى كل رسالات الله في كونه، أخشى عدم المعرفة لأن المعرفة تقود المرء للإيمان، والإيمان بالغيب يملأ القلب بالأمل والتسليم

العارف يعرف أن هناك آخرة، وحتمًا يومًا ما سنقف أمام الحي الْقَيُّوم.

أخشى أن ألقاه وأنا لا أعرفه حق المعرفة التامّة الكاملة.

اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه.

----------------------------------------

(9)
عندما أقول أني أبحث عن الحقيقة لا أعني أني ممتلئة بالشك، أنا أؤمن أن الله هو الحق، وعندما أبحث عن الحق في الدنيا، فأنا أبحث عن الله في كل موقف أمر به، لأني عندما أصل إليه، أصل إلى حقيقة نفسي، وروحي التي هي من روح الله
------------------------------------------------

(10)
Swimming marathon in the Red Sea.

It's been 19 hours since I passed the starting line, but now I'm somehow stuck. I look around me, some racers are taken left by the tides, some are taken right, and all are being deviated from the straight path. The guy beside me was drowning; I couldn't do anything because if I had tried helping someone who can't even take his breath I would've lost the game. I look ahead to spot the fast swimmers who were beside me in the lane, there was no sight of them. Suddenly a girl from behind passes me and doesn't stop swimming, such a hard worker, slow but steady.

I fight a wave after a wave, I build muscles and strengthen my stamina, but I don't move. It's like my energy is consumed in defense and all my movements are reactions to what the sea faces me with.
Each and every racer in this marathon has been specifically chosen, proficient and capable of reaching the end. I thank God He gave me the strength to endure and I thank Him that I'm standing in my position and not regressing, truly. But we're in a race, and I want to be moving forward and fast.

I've come to terms that we're not in a race with death, rather, in a race with life. We seek to live by our deeds, knowledge and wisdom more years than life would offer us. When our days come to an end at say, 70, our legacy would speak of us as if we've lived for 140 years.
We're in a race with life; death shouldn't be something we seek to reach, but eternity [jannah].
Death is just a phase and the essence of human beings is life, dynamics and love.

-------------------------------------

(11)
تقريبًا أحلى حاجة في الصيام إن ثوابه عند ربنا، وفكرة قبوله من عدمه ملهاش شروط معينة نقدر نقيسها، ببساطة "إنه لي وأنا أجزي به" عبادة صعب تكون بتعملها لحد غير ربنا، وبتبقى مطمن إن ربنا سبحانه وتعالى هيجزيك حتى لو طول اليوم مش بتعمل حاجة، لإنك على الأقل امتنعت عن الأكل والشرب من أجله.

سبحان الله في نفس ذات الوقت، فكرة عدم معرفتنا هل ربنا بيقبل توبتنا ولا لا/هل ربنا بيقبل مننا أي عمل صالح عمومًا/هل ربنا بيقبلنا احنا شخصيًا، كل دي حاجات منقدرش اننا نعرفها وملهاش قواعد، لكن بتقلقلنا، وبنجلد ذاتنا عليها، وبنتقلب في الفراش أحيانًا من خوف إن كل حاجة تكون هباءًا منثورًا.

مش عارفة ازاي الواحد يوصل للتسليم واليقين التام بربنا في أعماله ويكون متأكد إن ربنا هيجازيه عليها حتى لو مليانة عيوب، لأن كدة كدة في النهاية ربنا ممكن يدينا ثواب عمل كامل حتى لو معملناهوش لإننا نوينا نعمله..

احنا فعلًا مش مستوعبين كرم ربنا ولا نُقدّره حق قدره سبحانه، بنكون غرقانين ذنوب وربنا لسة مطلعنا سُلام من ابتلاء مثلًا وننساه برضو بعدها لكن هو سبحانه مش بيقطع عننا رزق ولا بيمسك نعمه مننا.

يارب سامحنا يارب احنا منستاهلش. يارب نفهم ونتيقن ونعمل.

ردنا إليك مردًا جميلًا.

---------------------------------------------------------------

(12)
لم أجد أقسى للقلب ولا أقبح للروح ولا أقعد عن العمل من اليأس إن خيّم على نفس الإنسان.

اللهم إنَّا آمنا بنبيك ولم نره، آمنا بك وبغيبك وقدرك خيره وشره، اللهم ازرع في قلوبنا إِيمَانًا بالأمل والفرج القريب يبث فينا الحياة من جديد.

-----------------------------------------------------------------------------------

(13)
حب الله

أن تحب ربك بحق يعني أن تحب كل خلقه، أن تحب البذل في سبيله، أن تحب الحياة لأن الله اختارها لك وبها تتقرب إليه وتعطي في خدمته، بها تنشر دينه، بها تتحدث عنه وتخبر الدُنى أن الله يحبنا ونحن نحبه ونحب عبادته. تعلم أن الله لا يحتاج عبادتنا، لكنك تعلم أن العبودية لله هي أسمى ما يمكن أن تصل إليه في الدنيا. تحب الله فتحب قَدَره، تحب تدبيره، تحب حكمته في البلاء وتحب رزقه وكرمه في السراء

سيدنا أبو بكر رضي الله عنه من حبه للرسول صلى الله عليه وسلم صدّق به دون سؤال، دون مراجعات، دون تفكير أو حساب ما سيقوله قريش وما سيؤول إليه حاله بين أهله وقبيلته إن آمن به، لكنه آمن به، دون لحظة تفكير، دون تردد "الصدّيق" حب النبي طغى عليه "فشرب النبي حتى ارتويت"

ارزقنا اللهم صدق حبك وحب نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام، حب يشعل أفعالنا في الدنيا ليس فقط يكوينا شوقًا للُقياك.

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(14)
وقفت أمام الشاطئ وقت الغروب في أحد أيام الصيف الحزين، نظرت للبحر الذي لم أجد أمامي أي نهاية له، وتأملت. يقولون أنه يريح الأعصاب، ويهدئ من روع المضطرب، حاولت أن أعيش ذلك الدور، الأمواج تروح وتجيء، اللون الأزرق مع السماء الحمراء يذكرني بأحلامي الساذجة وذنوبي التي تنتظر الغفران. تنفست بعمق، هل السر في رائحة الملح؟ لدى أمي الكثير منه، لكنها تحمل همها وهموم أسرتها كلها كقطعة منها، ويبدو أنه لا يتزحزح. نسمات الهواء التي كانت تهز تنورتي البيضاء مثلما يصعق الابتلاء كل تصور عن نفسي، جرّت أقدامي خطوة ناحية الماء. ظللت أقترب خطوة بخطوة، سامحة للأمواج التسلل بين قدميّ لكني مازلت أتقدم، ووقفت في مكان ظننته مناسبًا، مسافة ليست بقريبة ولا بعيدة.

ثم ظهرت موجة كبيرة من بعيد، سريعة، لم أستطع الركوض، بقيت في مكاني وضربتني الموجة بشدة، بللّت نصف التنورة وأفسدت هندامي وما أن بدأت في الشكوى حتى شعرت بترطيب تحت قدميّ. ماء البحر رطّب الرمال، جعلت ملمسه في باطن قدمي مريح وهادئ، في نعومة جسد الطفل الوليد. كلما خطفت النظر إلى تنورتي التي امتلأت بذرات الملح، أبى الإحساس إلا أن يجذبني لمزيد منه، فأغرس قدمي في الرمال الناعمة أكثر، وأغرق في لطف الله الذي رأيته بأم عيني، عندما يبصرني الله به في كل بلاء.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(15)
اللحظة التي تظن أنك تعرف "أي" شيء، هي اللحظة التي تعرف فيها أنك لا تعرف أي شيء.
يا صاحبي،
أخشى عليك من نفسك أن تقع في الخطيئة الأولى، و تعتقد أنك أعلم بقدْرك مِن مَن بيده قَدَرك!
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(16)
النية المخلصة هي أكثر ما تُضاعف أجر العمل وتوفيقه وبركته... أو تطرح به (وبك) أرضًا يوم تُعرض الأعمال! وهي في الوقت ذاته أكثر ما سوف تجهل ماهيّته، مهما ادّعيت صدقك ووعيك بنفسك وما يجري في خاطرك، هو سبحانه من بيده القَبول.

جددوا النية صباحًا، ونهارًا ومساءًا، لا تدري أي لحظة تصدُق فيها فتُقبل!


(17)
بدّي أصير كبير"

أمنية ساذجة مازالت بداخل كل واحد منا، النضج يُعلِمنا بالألم المصاحب للكِبر -عقلًا أو مكانةً- لكننا لا نزال نتمنّى.

-شكوت كثيرًا هذا الأسبوع، تساءلت عن القَدَر والمستقبل وقدْري عند ربي الذي لا يماثل ما أراه عن نفسي، ادّعيت أني لا أستعجل النتائج والشكل النهائي لما سأكون عليه بعد الابتلاء الذي أنا فيه، لكني كنت ألح على الأيام أن تمضي، أسابق الزمن الذي بطبيعة الحال يمر كالبرق، لا أعطي نفسي فرصة لأستريح، لأني لا أريد شيئًا غير أن أصل، وبسرعة.

"لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون"

سنة كونية، أنا مخلوق من مخلوقات الله، كذا الماضي والحاضر والمستقبل، كالشمس والقمر والليل والنهار، كل في فلك يسبحون. حاضر يارب :)

-السعادة وسلامة النفس عاملان أساسيان في رجاحة العقل وبناء الفكر، لا حرمني الله من عائلتي الصغيرة.

--------------------------------------------

(18)
سبحان الله الواحد فعلًا لو حاسس إنه مش *محتاج* ابتلاءات وتمحيصات وكروب تطهره وترفع درجاته وتلين قلبه يبقى خلاص كدة تنين مجنح جاهز إن ربنا يقبضه فورًا!

بحس إن الفكرة كلها بتكون في نظرتنا للأمور دي، إنه ربنا سبحانه وتعالى بيحطنا في صعاب علشان يرفع درجاتنا بالصبر وبيدينا فرص إننا نرجعله ونتوب ونصلح أخطاءنا، لو أنا ببص للموضوع إنه خير لي في الأصل هكون راضي ومبسوط وبحمد ربنا على الضراء قبل السراء

إنما لو أنا حاسس إن ربنا بيعاقبني وبيكرهني وعايز يعذبني -حاشاه سبحانه- عمري أبدًا ما هكون سعيد في الدنيا ولا هرضى..
ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم؟

---------------------------------------

(19)
"قال هي عصاي، أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى"
أحيانًا.. يعد الله ذلك القلب الصادق، الذي يبدو عادي، من فرط إخلاصه لا يذكر فضله، لكن يكون اتصاله بالله ما يجعل من حامله معجزة..
"
لنريك من آياتنا الكبرى"

-------------------------------------------

(20)
بعض العلماء المسلمين يقولون أن العقل مكانه القلب وليس الدماغ، مستشهدين بآيات مثل

"أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها"
"
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها.."

وأن تفكرك في الحق والباطل ثم اتباع أي منهم (عملية تفكير) من مهام القلب أيضًا
"
فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"

ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم "ثبت قلبي على دينك وعلى الحق"

أدركت منذ فترة حين تبلدت مشاعري واعتزلت الناس لمدة، أن المرء يمكنه التعامل مع حياته بحالتين مختلفتين:
يطلق عليهما الناس عادة (السطحية والعمق)

الأولى هي ما يتعامل به المرء ٩٠٪؜ من يومه -تختلف من شخص لآخر-، مع البائع والسائق، في لعبه ولهوه وأحيانًا في جده حين يريد إتمام ما عليه من واجبات، المصيبة تكون أنه في بعض الأحيان يتعامل المرء به في صلاته مع ربه، فتتحول عبادته إلى عادة.
أما الثانية فهي عندما تكون مستحضرًا لكل جزء من قلبك (وعقلك)، بعد منتصف الليل، في حضرة من تحب أو من تتعلم منه، في ركعتين في جوف ليل هادئ
..
أو عندما تكون سليم النفس، تستشعر كل تفصيلة من حياتك وتعيشها بكل جوارحك

في فترة عزلتي لُمت (العمق) أو التفكير المفرط لحزني حينها، ظننت أن تعاملي مع البشر بكل ما أوتيت من قلب هو ما يجعلهم يستغلونه وأتألم أنا في النهاية، وأن تعاملي مع الحياة بشغف هو ما يلقي بي في الهاوية عندما أصدم بالقضاء والقدر

اخترعت نظرية تقول أن القلب مكوّن من طبقتين، طبقة "سطحية" تحمي الطبقة "العميقة" (التي هي الأصل)، مثل القفص الصدري الذي يحمي العضلة نفسها. قلت طالما لم أصلح قلبي "العميق"، سأحمي نفسي بأن أسطح كل شيء وأتجنب الشعور بأي شيء، خَيْرٌ لي.

لكني اليوم أقول أن المرء الذي رضي الله عنه حقًا، هو المرء الحاضر بعقله وقلبه في كل الأوقات، حمايته: تعلقه بربه، وليس تهميش "عقله" الذي يضيء قلبه ويفضله على باقي خلق الله. تفكيره المفرط ربما يوصله لمزيد من التسليم والإيمان والرضا، فيزيح الهم والحزن لا يجلبهما.

المرء الذي يكون معك حين تحدثه عن آلامك رغم سعادته، يشعر بك فيفكر معك فيما قد يواسيك، يكون معك حين تمزح معه رغم حزنه الشديد، لا يشكو إلا لله فلا يزعجك بل يسابقك الضحك، يكون مع ربه رغم اكتظاظ عقله بالعمل الذي قطعه في منتصفه للصلاة، لأنه يعلم أن من يقف بين يديه هو المتحكم في نجاح عمله أو فشله، يكون مع أهله وإخوته رغم تغير اهتماماته، يعطي كل ذي حقٍ حقه فيكون متبعًا لهدي خير البرية رضي الله عنه.

أصلِح قلبك، يصلُح كل شيء، كفاك من وسائل الحماية المزيفة وتعامل مع المشكلة من جذورها. حضورك في مختلف وجميع نواحي حياتك يضمن الكفاءة والإخلاص=دنيا وآخرة بإذن الله.

يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
-


Rahma Fateen

2 comments:

thrivingone said...

I realised that for the first time, you acknowledged the wonder and splendour of life and I’m proud of that. This post enraptured me. :’)

Rahma Fateen said...

Alhamdullah:))